فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

الاحتلال بدأ في انتزاع صلاحياتها منذ عام 2000م

تقرير الأوقاف الإسلامية في القدس.. من (التحكم) إلى (المراقبة)

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة–غزة/ يحيى اليعقوبي:

توجه تدريجي واضح يتبعه الاحتلال الإسرائيلي لتفريغ دور الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، عبر مجموعة من الخطوات بدأت عام 2000 وما زالت تتصاعد حتى الآن؛ لتشكل تهديدًا حقيقيًّا على وجود الأوقاف ودورها تجاه المقدسات عامة والمسجد الأقصى خاصة.

والأوقاف الإسلامية تتبع لإدارة وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، وتُعنى بشؤون المسجد الأقصى المبارك والأوقاف الإسلامية في القدس الشريف.

وبدأ التوجه الإسرائيلي، عقب إعلان الأوقاف الإسلامية عام 2000م وقف إدخال السياح للأقصى، ثم استأنفت شرطة الاحتلال عام 2002م إدخالهم بإشرافها وانتقلت فكرة دخول غير المسلمين إلى شرطة الاحتلال الإسرائيلي ونزعت صلاحيات إدخال السياح من دائرة الأوقاف.

وجاء إعلان الأوقاف الإسلامية عقب اقتحام رئيس وزراء الاحتلال السابق آرئيل شارون باحات المسجد الأقصى المبارك في سبتمبر/ أيلول عام 2000م.

وفي عام 2003 أصدرت محكمة الاحتلال العليا قرارها الذي يسمح للمستوطنين باقتحام الأقصى فأضحت شرطة الاحتلال  تتحكم في حق الدخول والخروج من الأقصى، وبدأت أعوام: 2013م و2014 و2015م بالتضييق على عمل الأوقاف الإسلامية، وعمليات الترميم وإلزامها بإرسال مخططات الترميم مسبقا حتى توافق عليها بلدية الاحتلال وفي حال لم تحصل البلدية على المخططات فإنه لن يسمح للأوقاف بالترميم.

تدخل سافر

حتى صلاحية إعمار وصيانة المسجد الأقصى، وفق الباحث في شؤون القدس زياد الحسن، بدأ التدخل الإسرائيلي فيه وكان أسوأ تدخل وقت سقوط حجر من سور الأقصى في شهر يوليو/ تموز 2017م، حينها نصبت بلدية الاحتلال سقالة على السور الجنوبي للأقصى، وأعادت ترميم الحجر في يناير/ كانون الثاني 2019م في أول تدخل "سافر" في إعمار الأقصى.

وأوضح الحسن لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال انتزع حق الإعمار من دائرة الأوقاف، وعام 2019م منع حراس الأوقاف من مرافقة أو تصوير المستوطنين المقتحمين، ففرغ دور الحراس وأصبح دورهم شكليًّا، وانتزع حق إدخال السياح وحق الاعتراض على إدخال المستوطنين.

وأشار إلى أن هناك تفريغًا متتاليًا لدور الأوقاف الإسلامية عبر إستراتيجية إسرائيلية، مبينًا أن خطورة الأمر يتمثل في إلغاء حضور الأوقاف الإسلامية دورًا واسمًا رغم أنه خيار صعب للاحتلال؛ لأن هناك مشروعية سياسية وتاريخية للدور الأردني بالأقصى اعترف به الاحتلال كسلطة أمر واقع عام 1967م وسمح لها بالترميم ودفع الرواتب والإدارة وكانت مسؤولة عن جميع الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس.

واستدرك الحسن: "الاحتلال يتخوف من إزالة الدور الأردني فيحافظ على وجود الأوقاف كاسم ويفرغها من مضمونها لتكون دون دور حقيقي"، لافتا إلى عدم وجود مواجهة أردنية حقيقة مع الاحتلال.

وشدد على أن المطلوب من الدولة الأردنية هو إدراك حجم الخطر الوجودي المحدق بالأقصى، ووضع استراتيجية واضحة وموقف رافض لأي تفاوض على "باب الرحمة" وعدم التفاوض على حق استخدام المسجد.

ورأى الباحث في شؤون القدس أن أهم أسباب القوة الذي يجب أن تعتمد عليه الأوقاف هو التكامل مع الجهد الشعبي المقدسي من خلال استراتيجية تستفيد من الإنجازات إلى جانب توسيع مظلة الحماية العربية والإسلامية للأقصى.

مخرجات أوسلو

وقال الباحث في شؤون القدس جمال عمرو: إن دور الأوقاف في الوصاية على المسجد الأقصى تبدل عام 2000م مع اندلاع انتفاضة الأقصى بعدما كانت في السابق لا تسمح بدخول أي إسرائيلي إلا بإذن منها، وينتظر إجابة خطية من الأوقاف للسماح له بدخول الأقصى، وإذا وافقت يدخل الأقصى برفقة موظفيها.

وأضاف عمرو لصحيفة "فلسطين": "لكن الأمر انقلب فاليوم لا تستطيع الأوقاف منع أي إسرائيلي من دخول الأقصى، ويحاول الاحتلال بذلك تفريغ محتوى الوصاية الأردنية وهذا واضح من خلال ممارساته".

وأشار إلى أن الاحتلال يقوم بالتضييق على موظفي الأوقاف وإبعادهم عن الأقصى مرة تلو الأخرى في إطار خطته لإضعاف دور الأوقاف.

وتابع: "نحن أمام مرحلة كسر عظم وانتقاص من الوصاية الأردنية على الأقصى وتوجيه ضربة للمكون الفلسطيني"، لافتا إلى أن الأوقاف الإسلامية تمر بأوقات عصيبة.

الخطر من وراء إضعاف الأوقاف، يتابع عمرو: "لا يقتصر على الأوقاف الإسلامية فقط بل على المسجد الأقصى ككل، خاصة أن هناك سيطرة وتحكما مطلقا من قبل الاحتلال وشرطته وسلطة آثاره بمفاصل المسجد الأقصى".

وأكد أن دائرة الأوقاف الإسلامية أضحى دورها "يقتصر على إدارة أزمة فقط ومراقبة ما تقوم به جماعات الهيكل".

واستطرد عمرو: "دور الأوقاف التاريخي تراجع، بعدما كانت تدير كل كبيرة وصغيرة في الأقصى، وكانت صاحبة اليد العليا.. اليوم يتدخل الاحتلال ومستوطنوه في كل شيء"، عازيًا الأمر إلى  مخرجات اتفاق "أوسلو" التي جعلت قضية القدس ضمن مفاوضات الحل النهائي مع الاحتلال ما سمح للأخير بالاستفراد بالأقصى.